للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحاشية والجند والقصور الشماء، والجنان الفيحاء، هنالك المحنة والشقاء، والفتنة الشعواء، والهموم والأرزاء، والدماء والأشلاء، والعويل والبكاء، وهنا الراحة والسكون في ظلال الوحدة والانفراد، حيث لا سيد ولا مسود، ولا عابد ولا معبود، وبين هذين الثغرين ثغر الفتاة وثغر الكأس، وذينك الصديقين، هذا الكتاب المفتوح وذلك الغصن المطل، كل ما يقدر السعداء لأنفسهم من غبطة في الحياة وهناء.

وإن ذكر الآخرة وما أعد الله فيها من العذاب للمسرفين على أنفسهم قال: إن من العجز أن أبيع عاجل السعادة المعلوم بآجلها المجهول، أنا اليوم موجود فلا بد أن أستمتع بمتعة الوجود، أما الغد فلا علم لي به ولا بما قُدِّر لي فيه، وعسير علي أن أتصور أننا معشر الأحياء كنوز من الذهب ندفن اليوم في باطن الأرض لينبش عنا النابشون غدا.

ثم يعود إلى نفسه مستغفرا الله من ذنبه في شكه وارتيابه, فيقول: اللهم إنك تعلم أني ما كفرت بك منذ آمنت، ولا أضمرت لك في قلبي غير ما يضمر لك المؤمنون الموحدون، فاغفر لي آثامي وذنوبي، فإني ما أذنبت عنادا لك ولا تمردا عليك، ولكنها الكأس غلبتني على أمري، وحالت بيني وبين عقلي،

<<  <  ج: ص:  >  >>