الناضجة التي تراها بين يديك ولم أترك من ورائي في جميع ما تصفحته من دواوين الشعر ومجاميع الأدب وكتب المختارات إلا ما كان رديئا, أو مشوبا بشيء من هجر القول ومعيبه, أو بالغا من الشهرة والسيرورة منزلة لا يخطئها نظر الناظر, أو واقعا في منزلة بين الجودة والرداءة، وقد جعلت قاعدتي في الاختيار جمال الأسلوب أولا وجمال المعنى ثانيا, فربما أختار ما حسن لفظه وتوسط معناه, وقد أختار ما توسط لفظه وسما معناه كما صنعت في بعض مختارات قسم المنثور من الباب الأول وهو باب الفصاحة والبيان, ولكنني لا أختار بحال ما كان معناه ساميا ونظمه فاسدا، أما الجيد فقاعدته عندي ما يأتي:"كل كلام صحيح النظم والنسق إذا قرأه القارئ وجد في نفسه الأثر الذي أراده الكاتب منه, من حيث لا يجد فيه مسحة تدل على أن صاحبه يحاول أن يكون فيه بليغا, فهو بليغ" ولا أكتمك أني قد استجزت لنفسي ما استجازه لأنفسهم المختارون من قبلي فتصرفت في قليل من المختارات بعض التصرف بالتقديم والتأخير والاختصار والتلخيص والحذف، وقد لقيت في هذا السبيل وفي كل سبيل سلكته إلى جمع هذه المختارات عناء كثيرا لا أسألك يا بني عليه أجرا سوى أن تنتصح بما أنصحك به في كلمتي هذه، وهي أنك لن تستطيع