احفروا لأنفسكم بسيوفكم قبورا, فالقبر الذي يحفر بالسيف لا يكون حفرة من حفر النار.
لا تطلبوا المنزلة بين المنزلتين، ولا الواسطة بين الطرفين، ولا العيش الذي هو بالموت أشبه منه بالحياة, بل اطلبوا إما الحياة أبدا وإما الموت أبدا.
غدا يخفر أعداؤكم حرمة أرضكم ودياركم, ويملكون عليكم نساءكم وأولادكم, ويطئون بحوافر خيولهم مساجدكم ومعابدكم, وينظمون في ثقوب آنافكم مقاود يقودونكم بها إلى مواقف الذل والهوان كما تقاد الإبل المخشوشة إلى معاطنها, فافتدوا أنفسكم من هذا المصير المهين بجولة تجولونها في سبيل الله ثم تموتون.
موت الجبان في حياته وحياة الشجاع في موته, فموتوا لتعيشوا؛ فوالله ما عاش ذليل ولا مات كريم.
إن هذه الأساطيل الرابضة على شواطئكم, والمدافع الفاغرة أفواهها إليكم, والبنادق المسددة إلى صدوركم ونحوركم لا يمكن أن يتألف منها سور منيع يعترض سبيلكم في رحلتكم من هذه الدار إلى تلك الدار، فسيروا في طريقكم إلى آخرتكم؛ فإن الأعداء إن ملكوا عليكم طريق الحياة لا يملكون عليكم طريق الموت.
المستميت لا يموت والمستقتل لا يقتل, ومن يهلك في الإدبار