للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما من جامعة من الجوامع القومية أو الجنسية أو الدينية أو الأهلية إلا وهي تعتمد على الجامعة الإنسانية في سيرها وتستظل بظلها وتهتدي بهديها، فالمجاهد الوطني يقول: إني أدافع عن وطني وأحمي حوزته وأقوم على ثغوره وعوراته مقام الذائد المناضل؛ لأني أعتقد أنني إن أغفلت ذلك وأغفله في وطنه كل مضطلع بمثل ما أنا مضطلع به في وطني تساقطت الحواجز القائمة في وجه المطامع البشرية فجرى سيلها متدفعا لا يقوم له شيء حتى يأتي عليه، والفاتح الديني يقول: إني أعتقد أن الإنسانية لا تزال معذبة يأكل قويها ضعيفها, ويغتال كبيرها صغيرها, ويستضعف حاكمها محكومها حتى تدين بالدين الذي أدين به، فأنا إن حاربت البلاد وقاتلت العباد فإنما أريد أن أخوض هذا البحر الأحمر من الدماء لأصل إلى سفينة الإنسانية المشرفة على الغرق, فأستخلصها من يد الموت الذي يساورها.

هكذا يقول دعاة الدين ودعاة الوطن ودعاة كل جامعة, وهكذا يجب أن يقولوا, فإن لم يفعلوا وأبوا إلا أن يغفلوا الجامعة الإنسانية في دعائهم إلى جوامعهم التي يدعون إليها فليعلموا أن الإنسانية ملاك كل شيء, فإذا ذهبت ذهب بذهابها كل شيء.

ليس لساكن وطن من الأوطان أو صاحب دين من الأديان

<<  <  ج: ص:  >  >>