للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما هو محيط به من هواء وماء وأرض وسماء وطعام وشراب ومرافق وأدوات على الفطرة السليمة الخالصة, فأحرى أن يكون شعره كذلك.

ذلك كان شأن الشعر العربي والعرب على فطرتهم, وذلك معنى قولهم: الشعر ديوان العرب؛ لأنه صورة حياتهم الاجتماعية والأدبية وتمثال خواطرهم الحقيقية والخيالية, فإن ظن ظان أن التماثيل والنصب والمخطوطات والمنسوجات والصور والتهاويل وبقايا الآثار وقطع الأحجار التي نراها في خرائب اليونان والرومان والفينيقيين والفراعنة أدل على تواريخ أولئك الأقوام من الشعر العربي على تاريخ العرب قلنا له: ما من ديوان من دواوين الأمم الماضية إلا وتحدث المؤرخون بعبث الأيدي به ولعبها بسطوره وسجلاته, أما الديوان العربي فصورة صحيحة وآية مقدسة لا تغيير فيها ولا تبديل.

ثم جرت بعد ذلك جوارٍ بالسعد والنحس, فانتقلت الأمة العربية من بداوتها إلى حضارتها وهاجر معها شعرها بهجرتها, فطلع جيش المولدين يحمل لواءه الشاعران الجليلان بشار وأبو نواس, فطرقوا معاني لم تكن مطروقة ونهجوا مناهج لم تكن معروفة فقلنا: لا بأس, فالشعر العربي أوسع من أن يضيق بحاجات أمته في جميع شئونها وحالاتها حتى جاء أبو تمام شيخ المحسنات اللفظية, فسلك

<<  <  ج: ص:  >  >>