الظاهرة أو الباطنة, فما هو إلا أن يمتنع عليه حتى يرميه بسهم جارح من مريشات سهامه يصيب به مقتلا من شرفه، ولا ذنب له عنده إلا أنه لم يمكنه من لحيته يلف عثنونها حول أصابعه, ثم يقوده بها إلى حيث شاء كما يقاد التيس إلى مربعه.
يحب الرجل المجد حبا يملأ ما بين جوانحه ويغري به حتى يصبح آثر في نفسه من نفسه التي بين جنبيه، ويظل يقضي سواد لياليه يساهر الكوكب حتى ينحدر إلى مغربه، ويطوي بياض نهاره بين شمس تحرق عارضيه، وحصباء تمزق قدميه، ويقيم بينه وبين شهوات نفسه ونزعات قلبه حربا عوانا يحمل في سبيلها ما لا يستطيع أن يحمله بشر كلفا به ووجدا عليه، وحتى إذا أمكنه المقدار منه وبدأ ينهل أول نهلة من مورده البارد العذب رآها ممزوجة بذلك العلقم المر مما صبه له في إنائه ذلك المجرم الأثيم.
إن بين جدران بعض قاعات الصحف قوما مفاليك قد دارت عليهم الأيام دورتها, وسلبتهم المواهب التي يعيش بها أمثالهم ممن ولد مولدهم, ونشأ في تربتهم فضاقت بهم سبل العيش التي ما كان تضيق بهم لو أن الله أبقى لهم بعد أن سلبهم فضيلة الفهم والعلم مزية العمل الصالح والسيرة المستقيمة، فلما لم يجدوا بين أيديهم منفذا ينفذون منه إلى القوت, فتحوا حوانيت للتجارة