بأعراض الناس سموها صحفا, وأكثر مشتملات حوانيتهم من تلك البضاعة أعراض الأشراف والعظماء وأرباب الجد والعمل الذين سبقوهم إلى فردوس السعادة, وخلفوهم وراءهم يتأكلون غيظا لحرمانهم مما قسم الله لهم، فهم إن فتشت عنهم وكشفت عن دخائل نفوسهم علمت أن لا فرق بينهم وبين أولئك الفوضويين الذين يدينون بقتل العظماء والأمراء، وأستغفر الله فللفوضويين مبدأ منظم يتقلدونه ورأي في تلك الجرائم على ما به من خطل يتمذهبون به من حيث كونه عقيدة ثابتة لا تجارة رابحة، بل هم كقطاع الطريق الذين يهاجمون الغادين والرائحين ولا ذنب لهم عندهم إلا أنهم مزوّدون, وهم مقفرو الأيدي من الزاد.
ولقد كان يكون خطبهم سهلا ومصابهم محتملا لو أنهم صرحوا عن أنفسهم وأبدوا للناس صفحات وجوههم, وطلبوا قوتهم من طريق الكدية الواضحة البينة، ولكنهم مراءون مخادعون يشتمون باسم الموعظة ويقرضون الأعراض باسم النصيحة ويتهمون الأبرياء باسم الغيرة الدينية ويملئون فضاء الأرض والسماء كذبا وابتداعا وتدليسا وتضليلا باسم الوطنية، ووالله ما بهم من وطنية ولا دين ولا عظة ولا نصيحة ولكنهم قوم محدودون قد بلغت