الفلاكة من نفوسهم مبلغها وضاقت بهم الأرض الفضاء على رحبها, فهم يروحون عن نفوسهم بالنيل من شرف الشرفاء وتنغيص لذة السعداء، ويطلبون قوتهم فيما بين ذلك من يد تلك الفئة الساذجة من الأمة التي لا تستطيع أن تفرق بين أشراف الصحافة والدخلاء فيها, وبين الكاتب الذي يكتب ليقوم معوجا أو يصلح مختلا أو يرفع بدعة باطلة أو يكشف حقيقة خافية, والآخر الذي يدور مع الدينار دورة الحرباء مع الشمس صعودا وهبوطا, والذي لا يلذه شرب الماء إلا ممزوجا بالدماء، ووالله ما أدري من الذي أقامهم هذا المقام وعهد إليهم بهذا العهد, ومن الذي وكل إليهم النظر في شئون الناس والفصل في قضاياهم والقيام على حسناتهم وسيئاتهم وما هم البررة الأتقياء الذين يصلحون أن يكونوا أمثلة حسنة في منازلهم فيكونوا قدوة صالحة في أمتهم، ولا بالعلماء الفضلاء فنهتدي بهداهم ونترسم مواقع أقدامهم، ولا بالصادقين المخلصين الذين يؤثرون أمتهم على أنفسهم فنتعبد بإجلالهم وإعظامهم، بل ليس لواحد منهم فضل الصانع في مصنعه ولا التاجر في حانوته, فضلا عن الوزير في كرسيه والأمير في عرشه, فيصلح أن يكون حكما بينهم وميزانا لحسناتهم وسيئاتهم، وعندي أن لو جمعت عيوب الناس جميعها