للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزُففت إليه, فاستقبلني بأحسن ما يستقبل به الزوج الكريم أحظى نسائه عنده وأكرمهن عليه، فكان يريبني من ذلك ما يريب الفريسة من ابتسامة الأسد وكنت أنتظر يوم الفراق كما ينتظر القاتل يوم القصاص، فما أفقت من صرعة النفاس حتى علمت أنه خطب فتزوج فبنى وأني أصبحت في المنزل وحيدة لا مؤنس لي إلا طفلتي الصغيرة, فجزعت عند الصدمة الأولى ثم نزلت على حكم القضاء الذي لا أملك رده ولا أعرف وجه الحيلة فيه، واحتملت طفلتي إلى بيت أبي فوجدته مريضا مشرفا, فبكى رحمة بي واستغفرني من ذنبه إلي فغفرته له، وما هي إلا أيام قلائل حتى مضى لسبيله مفجوعا برزئي ورزئه, فعلمت أن الدهر قد سجل علي في جريدة الشقاء أياما طوالا لا أعلم متى يكون انقضاؤها, ولا أدري ما الله صانع فيها، فظللت أستكتب الناس الكتب إلى ذلك الرجل أسأله القوت لأستعين به على تربية طفلته أو التسريح عسى أن يبدلني الله خيرا منه زكاة وأقرب رحما, فضن بالأولى واستعظم الأخرى, فلم أر لي سبيلا غير سبيل العمل, فلبثت بضع سنين ساهرة الليل قائمة النهار, أستقطر الرزق من سم الخياط فلا أكاد أبلغ منه الكفاف حتى بلغ مني الجهد, فدهيت بمعضلة من الأدواء خرجت لها عن كل ما أملك من

<<  <  ج: ص:  >  >>