للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من حقولها, وهدير تلك الرياح الضاربة في ذوائب الأشجار ورءوس الأبراج.

قومي يا بنية إلى الصلاة, فقد جاءت الساعة التي يجثو فيها الأطفال حول أسرتهم حفاة الأقدام عراة الرءوس شواخص الأبصار يطلبون الرحمة من الله تعالى لآبائهم وأمهاتهم وللناس أجمعين, فترن أصواتهم في الملأ الأعلى رنين نغمات الموسيقى في أجواف الفضاء, فيرددها الملائكة طائرين بها إلى عرش الرحمن، فإذا فرغوا من دعائهم وقضوا حق الله عندهم وحقهم عند أنفسهم ذهبوا إلى مضاجعهم, وناموا نوما هادئا مطمئنا تتطاير فيه الأحلام الجميلة حول ثناياهم الباسمة كما تتطاير أسراب النحل حول أحواض الأزهار.

قومي يا بنية إلى الصلاة, واطلبي الرحمة لتلك التي التقطت ذرتك الأولى من عالمها ثم اتخذت لك من حنايا ضلوعها سريرا قبل سريرك, ومن أحشائها مهادا قبل مهادك, والتي قدم لها الدهر كأسي شقائه ونعيمه, فشربت الأولى وآثرتك بالأخرى.

اطلبي لها الرحمة؛ فإنها كانت بيضاء القلب صافية النفس, تحب من لا يحبها وترحم من لا يرحمها, وتبتسم ابتسامة عذبة رائقة لا تمازجها ريبة, وتمد يدها إلى اجتناء كل ثمرة إلا ثمرة الشجرة

<<  <  ج: ص:  >  >>