للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المنهي عنها، وكانت تقف أمام مسرح الحياة الحافل بالزخارف والتهاويل وقفة المتريث المرتاب الذي يتهم سمعه وبصره, وتنظر إليه نظر الحكيم العاقل الذي يعلم أن السعادة الكاذبة أمر مذاقا في الأفواه من الشقاء الصادق، وأن هؤلاء الذين يضحكون سرورا بهذه الصورة الخيالية لا يعلمون أنهم يبكون من حيث لا يشعرون، وأن أولئك الجالسين حول مائدة الشهوات إنما يقامرون بأنفسهم ولا بد أنهم خاسرون، فتغض بصرها وتشيح بوجهها وتعود أدراجها بقلب غير مخدوع، وفؤاد غير مصدوع.

اذكري يا بنية أن تطلبي الرحمة لأبيك كما تطلبينها لأمك, فهو أحوج إليها منها؛ لأن الخطايا قد أثقلت ظهره فأصبح لا يستطيع أن يرفع رأسه إلى السماء، وغلت يده فلا يستطيع أن يمدها إلى الله بالدعاء.

إنني أشعر يا بنية حينما أسمع دعاءك لي كأنني أسمع صوت انفصام القيود عن قدميَّ, وكأن سحابة سوداء تنقشع عن قلبي قليلا قليلا, وكأن جناحي المهيض قد نبت له ريش ناعم جميل أحاول أن أطير به إلى أعالي السماء.

اطلبي الرحمة لجميع الآباء العائدين إلى منازلهم تحت ستار الظلام

<<  <  ج: ص:  >  >>