تعزية عما يلاقونه في أمثال هذه المواقف من عناء وشقاء، ولأن النساء يطربهن منها منظر جوليت وهي قتيلة مخضبة بدمها ليجدن السبيل إلى الشماتة بها, والسخرية بضعف حيلتها وعجزها الذي كان سببا في حرمانها من سعادتها وحياتها، فكأنهن يقلن لها: لو كنا مكانك أيتها الفتاة الحمقاء لما بذلنا حياتنا في سبيل رجل لا يفوتنا حظنا من غيره إن فاتنا حظنا منه.
وبالجملة: فقد كان أصحاب الأغراض المختلفة في هذه الرواية كثيرين جدا, وكانوا إذا اشتركوا في هتاف أو تصفيق دوى لهم في أرجاء القاعة صوت يصدع الرءوس ويؤثر في أعصاب السمع تأثيرا سيئا، فكنت إذا شرع المغني في نشيد وترقب الناس النغمة الأخيرة بتشوُّق وتلهف ترقبتُها بخوف وجزع؛ لأني لا أحب أن تكون آخر نغمة أسمعها في حياتي.
رأيت فيما رأيت في ذلك المعرض العام أن عامة المصريين يحبون التصفيق حبا جما, ويتهالكون وجدا عليه.
رأيت من كان يصفق حتى تحمرَّ كفاه وتكادا تبضان دما, ومن كان يضرب الأرض بقدميه حتى يكاد يجمد الدم في عروقهما.