للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما كانوا يصفقون في مواقف الاستحسان جميعا بل كان يبتدئ أحدهم فيقلده الجالسون حوله, ثم يسري التصفيق تدريجيا بين الجميع، ولقد رأيت من استغرق في الضحك حتى كاد يسقط عن كرسيه ثم سمعته يسأل بعد ذلك جليسه: مم تضحكون؟

ولقد كنت أحسب أنهم لا يصفقون إلا في مواطن الاستحسان كما هو الشأن في ذلك, فإذا هم يصفقون لكل مشهد من المشاهد المؤثرة مفرحا كان أو محزنا, هزلا أو جدا, فصفقوا لمنظر جوليت وهي تتجرع السم, وصفقوا لمنظر روميو وهو يتحرق وجدا حينما فاجأه الخبر بموتها.

أما النساء فملأن خدورهن ضحكا عندما سقط روميو قتيلا, ولا أعلم لذلك سببا إلا أن تكون عداوة الجنسية وحب الانتقام.

أما آداب الاستماع فلا تسل عنها؛ لأنك لا ترى في جوابي ما يسرك، وأي منظر يروقك من مجتمع ما اجتمع في مثل هذا المكان إلا للاستماع ثم لا ترى بينه إلا مصفقا أو هاتفا أو راكضا أو ضاحكا أو صارخا أو مصفرا أو ماضغا أو متكلما، وكان يكون ذلك هينا لو وقع بين الفصل والفصل أو المنظر والمنظر أو الجملة والجملة, ولكنه يقع مطردا حيثما اتفق, وكيفما بدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>