للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقصص الجان، فرأى في بعض مسالكه بين تلك القبور امرأة متسلبة جالسة أمام قبر جديد لم يجف ترابه, وبيدها مروحة من الحرير الأبيض مطرزة بأسلاك الذهب تحركها يمنة ويسرة لتجفف بها بلل ذلك التراب، فعجب لشأنها وتقدم إليها فارتاعت لمرآه, ثم أنست به حينما عرفته فسألها: ما شأنها وما مقامها هنا؟ ومن هذا الدفين وما الذي تفعل؟ فأبت أن تجيبه عما سأل حتى تفرغ من شأنها, فجلس إليها وتناول منها المروحة وظل يساعدها في عملها حتى جف التراب, فحدثته أن هذا الدفين زوجها وأنه دفن منذ ثلاثة أيام وأنها منذ الصباح جالسة مجلسها هذا لتجفف تراب قبره وفاء بيمين كانت أقسمتها له في مرض موته أن لا تتزوج من غيره حتى يجف تراب قبره, وأن هذه الليلة هي موعد بنائها بزوجها الثاني, فأبى لها وفاؤها لهذا الدفين الذي كان يحبها ويحسن إليها أن تحنث بيمين أقسمتها له أو تخيس بما عاهدته عليه، ثم قالت له: هل لك يا سيدي أن تقبل هذه المروحة هدية مني إليك, وجزاء لك على حسن صنيعك معي؟ فتقبلها منها شاكرا بعد أن هنأها بزواجها الجديد, ثم انصرف وليس وراء ما به من الهم غاية، ومشى في طريقه مشية الرائح النشوان يحدث نفسه ويقول: إنه أحبها وأحسن

<<  <  ج: ص:  >  >>