للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليها, فلما مات جلست فوق قبره لا لتبكيه ولا لتذكر عهده, بل لتتحلل من يمين الوفاء التي أقسمتها له؛ فكأنها وهي جالسة أمام زوجها الأول تعد عدد الزواج من زوجها الثاني، وكأنما اتخذت من صفائح قبره مرآة تصقل أمامها جبينها, وتصفف طرتها, وتلبس حليتها بين سمعه وبصره للزفاف إلى غيره.

وما زال يحدث نفسه بمثل ذلك حتى رأى نفسه في منزله من حيث لا يشعر, ورأى زوجته ماثلة أمامه مرتاعة لمنظره المحزن فقال لها: إن امرأة خائنة غادرة أهدت إلي هذه المروحة فقبلتها منها لأهديها إليك؛ لأنها أداة من أدوات الغدر والخيانة وأنت أولى بها مني، ثم أنشأ يقص عليها قصة المرأة حتى أتى عليها فغضبت وانتزعت المروحة من يده ومزقتها, وأنشأت تسب تلك المرأة وتنعي عليها غدرها وخيانتها وتلقبها بأفحش الألقاب وأقبحها، ثم قالت: ألا يزال هذا الوسواس عالقا بصدرك ما دمت حيا؟ وهل تحسب أن امرأة في العالم ترضى لنفسها بما رضيت به لنفسها تلك المرأة الغادرة؟ فقال لها: إنكِ أقسمت لي ألا تتزوجي من بعدي, فهل تفين بعهدك؟ قالت: نعم ورماني الله بكل ما يرمى به الغادر إن أنا غدرت، فاطمأن لقسمها وعاد إلى راحته وسكونه.

مضى على ذلك عام, ثم مرض الرجل مرضا شديدا فعالج

<<  <  ج: ص:  >  >>