نفسه فلم يجد العلاج حتى أشرف, فدعا زوجته وذكَّرها بما عاهدته عليه, فادّكرت فما غربت شمس ذلك اليوم حتى غربت شمسه، فأمرت أن يسجى في قاعته حتى يحتفل بدفنه في اليوم الثاني ثم خلت بنفسها في غرفتها تبكي عليه وتندبه، وإنها لكذلك إذ دخلت عليها الخادم وأخبرتها أن فتى من تلاميذ مولاها حضر الساعة من بلدته لما سمع بأمر مرضه, وإنها حدثته حديث موته فصعق في مكانه حزنا ووجدا ولا يزال عند باب المنزل مطرحا لا تدري ما تصنع في أمره، فأمرتها أن تذهب به إلى غرفة الأضياف وأن تتولى شأنه حتى يستفيق، ثم عادت إلى بكائها ونحيبها، فلما مر الهزيع الثاني من الليل دخلت عليها الخادم مرة أخرى مرتاعة مولهة وهي تقول: رحمتك وإحسانك يا سيدتي, فإن ضيفنا يعالج من آلامه وأوجاعه عذابا أليما, وقد حرت في أمره وما أحسبه إن أغفلنا أمره ساعة واحدة إلا هالكا، فراعها الأمر فقامت تتحامل على نفسها حتى وصلت إلى غرفة المريض, فرأته مسجى على سريره والمصباح عند رأسه, فاقتربت منه ونظرت في وجهه, فرأت أبدع سطر خطته يد القدرة الإلهية في لوح المقادير, فتخيلت أن المصباح الذي أمامها قبس من ذلك النور المتلألئ في ذلك الوجه المنير, وتمثلت كأن أنينه نغمة موسيقية