للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأني لا أجد السبيل إليه، قالت: وما دواؤك؟ فامتنع عليها هنيهة لا يجيبها, فلما أعياه إلحاحها قال: حدثني طبيبي أن شفائي في أكل دماغ ميت ليومه، ولقد علمت أن ذلك يعجزني فأسجلت أن لا دواء لي ولا شفاء، فارتعدت وشحب لونها وأطرقت طويلا ثم رفعت رأسها هادئة ساكنة وقالت: لا أزال أقول لك: إني سأعالجك وإن كان دواؤك في ذهاب نفسي، ثم أمرته أن يأخذ قسطه من الراحة وخرجت من الغرفة متسللة حتى وصلت إلى غرفة سلاح زوجها, فأخذت منها فأسا ثم مشت تختلس خطواتها اختلاسا حتى وصلت إلى غرفة الميت, ففتحت الباب فدار على عقبه وصر صريرا مزعجا, فجمدت في مكانها وقد امتلأ قلبها رعبا وخوفا وذهبت بها الظنون كل مذهب، ثم عادت إلى سكونها فتقدمت لشأنها حتى دنت من السرير ورفعت الفأس وما كادت تهوي بها حتى رأت الميت فاتحا عينيه ينظر إليها, فسقطت الفأس من يدها وسمعت حركة وراءها, فالتفتت فرأت الضيف والخادم واقفين يتضاحكان, ففهمت كل شيء.

وهنالك تقدم إليها زوجها وقال لها: أليست المروحة في يد تلك المرأة الغادرة أجمل من الفأس في يدك؟ أليست التي تجفف تراب قبر زوجها بعد دفنه أفضل من التي تكسر دماغه قبل نعيه؟ فصارت تنظر إليه نظرا غريبا, ثم شهقت شهقة كانت فيها نفسها.

<<  <  ج: ص:  >  >>