صحافيا كاذبا، فإن كانت منزلة الأخلاق عندك دون منزلة المال فامض لشأنك.
أنت في مستقبل أمرك بين اثنتين؛ إما أن تكون صاحب الصحيفة أو أحد المحررين فيها.
فإن كنت الأول فأنت بين خاصة لا يرضيهم إلا أن تصعد عندهم، وعامة لا يعجبهم إلا أن تهبط إليهم، فإن صعدت إلى الأولين هلكت؛ لأن الخاصة هم الأقلون عددا والأقلون مالا، وإن نزلت إلى الآخرين خسرت؛ لأن العامة يبغضون الحقيقة ويبغضون لأجلها المحقين، وإن وقفت في منزلة بينهما سخط الفريقان عليك وارتابا بك، وأقسما جهد أيمانهما أنك من المرائين المتقلبين، وإن كنت الثاني فسيبتليك الله برئيس يحرج صدرك بمقترحاته، ويجرح قلبك بمؤاخذاته، ويطلب عندك من الرأي والفهم والأسلوب والنسق ما عند نفسه، وهيهات أن يجد عندك ما يريد منك إلا إذا صح مذهب التقمص واستطاعت نفس كل منكما أن تتسرب في أطواء صاحبتها, وتتلاشى فيها.
ذلك إلى ما يرزؤك به كل يوم من الوقوف بينك وبين عقلك، فيستكتبك ما يريد، ويحول بينك وبين ما تريد، فكأنما يعمد إلى عقلك وهو أثمن من الجوهر فيبتاعه منك بلقيمات