وإنما كتبت إليك لألفت نظرك الكريم إلى أمر كان له عندنا أثر سيئ في نفوس المسلمين قاطبة, وهو عزم المصريين على نصب تمثال لفقيد مصر مصطفى كامل باشا رحمه الله، كأن إخواننا المصريين أصبحوا أغنياء عن كل مشروع علمي أو أدبي أو اجتماعي فلم يبق بين أيديهم ما ينفقون فيه أموالهم إلا أمثال هذه المشاريع التافهة، أو كأنهم لا يعلمون أنها محرمة في دينهم دين الإسلام، أو كأنه صار من المحتم اللازم علينا أن نقلد الأوروبيين في كل ما يعملون, شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى "لو دخلوا -كما قال عليه الصلاة والسلام- جحر ضب لدخلناه" أو شربوا نخبا لشربناه، أو صنعوا صنما لصنعناه، كل ذلك يدل أصرح دلالة على أن الجمود ما برح مستحكما فينا؛ لأن التقليد الأعمى شأن العاجز الضعيف الذي لا يدري بماذا فاقه القوي القادر, فهو يقلده في جميع حركاته وسكناته ظنا منه أنها سر قوته وقدرته.
لو أقام المصريون لكل عامل بينهم تمثالا لعادت مصر إلى عهدها الأول في زمن الفراعنة حيث في كل بقعة هيكل وتمثال، وظني أن لو كان المرحوم مصطفى كامل باشا حيا لما رضي عن مشروع كهذا يمس الأمة المصرية في وطنيتها ودينها.