للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا ... أنيس ولم يسمر بمكة سامر

هذه قصة منزل من منازلنا وكل المنازل بيننا ذلك المنزل إلا ما رحم الله، فلو أن باكيا بكى على ما آلت عليه حالة هذه الأسرة الشقية فهو إنما يبكي أسرا متعددة وأمة كاملة:

لقد لامني عند القبور على البكا ... رفيقي لتذراف الدموع السوافك

فقلت له: إن الأسى يبعث الأسى ... دعوني فهذا كله قبر مالك١

وجملة القول أن للحاضر سيئات فوق سيئات الماضي فلا خير في العصرين، ولكن ويلا أخف من ويلين، والأمم لا تسعد بمعرفة الخير والشر، فالخير والشر معروفان حتى لأمة النمل، وإنما سعادتها في معرفة خير الخيرين وشر الشرين، ولئن دام هذا الحال واطرد المقياس فالغد شر من اليوم, كما كان اليوم شرا من الأمس.


١ الأبيات لمتمم بن نويرة يرثي أخاه مالكا.

<<  <  ج: ص:  >  >>