في صدورهم, فأبوا أن يتنزلوا للاحتراف بما يقوم معاشهم كما يفعل أولئك القوم الذين أنضوا ركائب حياتهم في طريق تقليدهم, وباعوا في سوق التشبه بهم كل ما تملك أيمانهم وقلوبهم وبعد أن ملكت الشهوات قيادهم فما وجدوا في أنفسهم متسعا لسواها, فأغروا بثروة أبيهم يأخذون منها بالحق تارة وبالباطل تارات, وقد كانوا قلصوا ظلالها أولا بنفقات دراستهم وثانيا بابتياع ما حسن لفظه وقبح معناه من السلع الإفرنجية التي تفني خزائن روكفلر وروتشيلد, قبل الوصول إلى إشباع بطون تجارها فنضب معينها ولم يبق منها حتى الذماء١، فتبدل ذلك النعيم شقاء وتلك السعادة والرفاهية فقرا وعدما، أما الوالد فقضى شهيد العلوم والمعارف والمخترعات والمستحدثات، وأما الأولاد فاغتالت أحدهم يد الزهري وكانت لأمثاله من المغتالين، واحتوى الآخر فراش السل حيث لا زائر ولا طبيب، وافترش الثالث تراب السجن على أثر جناية دفعه إليها العوز والحاجة، وفرت المرأة الجديدة إلى معرض الأعراض حيث يبتاعها الشقاء بثمن بخس, وهو فيها من الزاهدين.