للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأذكاهم قلبا ومن كنت أراه فأغضي بين يديه إجلالا وإكبارا واقعا في حبالة بغي تقيمه وتقعده، وتطويه وتنشره، وتعبث به عبث الطفلة بلعبتها، وهو في غير هذا المكان قيصر الروم عزة وفخارا، وكسرى فارس أنفة واستكبارا.

رأيت من يزعم أن الله قد وهبه عقلا تخترق أشعته حجب الغيب, وعلما تتساوى أمامه المادة وما وراءها, ومن لا يزال يتمثل صبحه ومساءه بقول الشاعر:

وعلمت حتى ما أسائل واحدا ... عن حرف واحدة لكي أزدادها

يجهل بديهيا من البديهيات التي يشترك في فهمها الأذكياء والأغبياء، والعلماء والجهلاء.

رأيته يجلس في المرقص فتمر به البغي فما هي إلا لمحة طرف, أو غمزة كف، حتى تحدثه نفسه أنه قد وقع من نفسها، وملأ فراغ قلبها، فيدعوها إليه فتجلس بجانبه فما هي إلا ابتسامة خالبة، وكلمة كاذبة، حتى يقسم بكل محرجة من الأيمان أن نفسه صادقة فيما حدثته، وأن الفتاة قد علقت بحبه علوقا لا نجاة لها من بعده إلى يوم يبعثون.

هنالك يبذل لها ما تشاء من نفسه وشرفه وماله، ويرى أن ذلك قليل في جانب ما تبذل له من دقائق تقضيها بين يديه، وابتسامات تجود بها عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>