للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ربهم فأكرم مآبهم وأجزل ثوابهم" وكان يقول: "شرار أمتي الذين يأكلون مخ الحنطة"١ وعلا عمر -رضي الله عنه- ولده عبد الله بن عمر بالدرة٢ إذ دخل عليه فرآه يجمع في طعامه بين الثريد والشواء, وكان بعض الصالحين يعد الجمع بين الخبز والملح شهوة فيتجنبها، وكان بعضهم يعجن دقيقه ويجففه في الشمس ثم يأكله قائلا كسرة وملح حتى يتهيأ في الآخرة الشواء، ومنهم من لم يأتدم في حياته لا بالجوذاب٣ والكباب ولا بالخل والزيت.

فهل كان واحد من هؤلاء بطرا بنعمة الله أو محرما ما حلل الله؟ لا فما كل من أبغض حلالا حرمه ولا كل من أحب حراما حلله فقد اعتقد صاحب أبي حنيفة بحل النبيذ, فلما أريد عليه قال: لو قطعت إربا إربا ما حرمته، ولو قطعت إربا إربا ما شربته، وعلم النبي -صلى الله عليه وسلم- بحل الطلاق ثم قال: "أبغض الحلال إلى الله الطلاق" بل لو تبينت لعلمت أن قاعدة التحريم والتحليل في الشرائع الدينية مصادرة النفوس في ميولها


١ مخ الحنطة: خالصها.
٢ الدرة: السوط يضرب به, وكان في يد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- درة لا تكاد تفارق يده.
٣ الجوذاب: طعام يتخذ من سكر ورز ولحم.

<<  <  ج: ص:  >  >>