للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم سكت بعد ذلك سكوت المجهد المتعب, وكان الظلام قد أظلنا بجناحيه فشعرت أن سنة من النوم قد رنقت١ في عينيه, فانسللت من بين يديه وتركته في مضجعه على أن ألقاه غدا.

"اليوم الثالث":

أصبحت في اليوم الثالث فإذا الشيخ قد فارق خلوته إلى حديقة المنزل فافترش ترابها، وتوسد أعشابها، وأنشأ يردد النظر بين أزهارها وأنوارها، ويبسم للعصافير تتنقل بين أنجمها٢ وأشجارها، ويصغي إلى سرار الحديث بين حصبائها ومائها؛ فعرفت المدخل إلى قلبه والوسيلة إلى سروره وغبطته, فاقترحت عليه البروز إلى ضاحية البلد ليرفه عن نفسه ما ألم بها من الحزن والألم, فخرجنا يتوكأ على يدي مرة وعلى عصاه أخرى حتى وصلنا إلى وادٍ أفيح يهتزّ بصنوف الأشجار وأفانين الأزهار، ويتراءى في ألوان من النبات، مشتبهات وغير مشتبهات، من هائج


١ يقال: رنق النوم في عينيه, إذا خالطهما كأنه مأخوذ من ترنيق الطائر أي: تحليقه ورفرفته بجناحيه.
٢ الأنجم جمع نجم بفتح النون, وهو ما نجم من النبات على غير ساق.

<<  <  ج: ص:  >  >>