للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعميم، وبارض وجميم١, وكروم وأعناب، وسنابل وأعشاب، وتفيض أرجاؤه بالجداول والغدران، والقنى والخلجان، مطردات ومنعطفات، ومجتمعات ومفترقات، يفضي أولاها إلى أخراها، ويتصل أقصاها بأدناها، ويعطف كبيرها على صغيرها، وقويها على ضعيفها، فكأنها صلال رقشاء قد فرت من حر الظهيرة إلى هذا الروض الأريض تبترد بين روابيه وأكماته، ومصاعده ومنحدراته، فهي تنقبض وتنبسط، وتنساب وتتمعج٢، وتقبل وتدبر، وتقوم وتقعد، وتتواثب وتتراجع، وتتواصل ثم تتقاطع، وكأن حفيف أوراقه وخرير مائه وتغريد أطياره وضجيج نواعيره وعجيج سائمته أنغام مختلفات يتألف من مجموعها لحن بديع يسمعه السامع, فيخيل إليه أنه هابط من أبواب السماء، أو أن سكان الألمب٣ فوق عروشهم يغنون، وسكان الأرض بين أيديهم يستمعون.


١ الهائج من النبات الذي اصفرّ ويبس, والعميم منه ما عم الأرض, والبارض أول ما يبدو من النبات, فإذا تحرك قليلا فهو الجميم.
٢ تمعجت الحية: تلوت في سيرها, وتثنت.
٣ الألمب في خرافات اليونان مجمع آلهتهم, ويقولون: إن لتلك الآلهة ساعات يشربون فيها في مجتمعهم هذا ويطربون.

<<  <  ج: ص:  >  >>