للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كثب فإذا عريش من عيدان القصب مسجج١ قد ارتفع فوقه سقف من جذوع الأشجار, واعتمد على أُسيطينة٢ من اللبن الأسود وامتدت أمامه صفة مستطيلة واستدار به نؤي يمنع عنه مسيل الماء, فدخلناه فلم نر فيه إلا رثة٣ من المتاع لا تكاد تزيد على جوالق للخبز اليبيس وخلقان من القمص والأبراد وقدر وأثفية وجرة مملوءة ماء وحشية٤ بالية مفككة تضطرب في جوفها حشوة من الليف اضطراب الجنين في جوف الحامل، فشربنا حتى ارتوينا وأخذنا من تلك الحشية مضجعنا وما زلنا على حالنا تلك سكوتا لا نتكلم حتى جاء الرجل وقد مال ميزان النهار يقزل٥ في مشيته ويحمل فأسه على عاتقه ويجر وراءه ولدين صغيرين له بين الثامنة والعاشرة, فجلس وجلس ولداه بين يديه وأنشأ يلقي إلينا معاذيره ويتوجع لعجزه عن إكرامنا وإسعافنا بما نحب, فعذرناه ثم جرى بينه وبين الشيخ الحديث الآتي، وكنت أترجم بينهما لأنهما لا يكادان يتفاهمان:


١ يقال: سجج الحائط, إذا طلاها بطبقة رقيقة من الطين.
٢ أسيطينة تصغير أسطوانة.
٣ رثة المتاع بكسر الراء: ساقطه.
٤ الحشية: الفراش المحشو.
٥ قزل به قزل, وهو أقبح العرج.

<<  <  ج: ص:  >  >>