وظن أن الحلاق قد أصابه مس من الجنون، فارتعش بين يديه وخاف أن يمتد به جنونه إلى ما لا تحمد عقباه، واعتُقل لسانه فما يستطيع أن يسأله عن سر عمله هذا.
فما انتهى الحلاق من أشكاله الهندسية ورسومه الجغرافية حتى التفت إلى جلسائه وقال لهم كأنه يتمم حديثا سابقا بينه وبينهم: لأجل فض النزاع بيننا ها قد رسمت لكم خريطة الحرب الروسية اليابانية في رأس "الزبون" هنا طوكيو، وهنا بور أرثر، وهنا انكسر كروباتكين، وهنا انتصر أوياما، وفي هذا الخط مر الأسطول الروسي، وفي هذه البقعة تلاقى الأسطولان، وهنا أخذ يتكلم بحدة وحماسة عن شجاعة اليابان وبسالتهم, ثم أردف كلامه بقوله:"وفي هذه البقعة ضرب اليابانيون الروس الضربة القاضية" وضرب بجمع يده أم رأس الزبون، فقام صارخا يولول ويهرول مكشوف الرأس يلعن السياسة والسياسيين، والروس واليابانيين، والناس أجمعين.
لا أعلم إن كان المحدث هازلا أو مجدا، وإنما أعلم أنه قد أجاد التمثيل.