لا أعرف فرقا بين حنث الحانث في يمينه، وكذب الكاذب في حديثه، كلاهما ضعيف المُنة، وكلاهما ساقط الهمة، وكما لا يستطيع الكاذب أن يكون صادقا كذلك لا يستطيع الحانث أن يكون بارا، وناقض العهد أن يكون وفيا، فخداع من المتكلم أن يزعم أن لأحاديثه من الشأن في مواقف الأقسام ما ليس لها في غير تلك المواقف، وأنه يتحرج في الحنث ما لا يتحرج في الكذب، فإن من يستصغر جرم الكذب لا يستكبر من بعده جرما.
الدين:
أيها الناشئ: إن من الناس قوما قد ضعفت نفوسهم عن احتمال ثقل الدين وسلطان أمره ونهيه, فخرجوا عليه ونبذوا طاعته، ثم علموا أن الناس سيأخذون عليهم ضعفهم وعجزهم فلم يجدوا معذرة يعتذرون بها إليهم غير دعوى إنكار الدين وجحوده استثقالا وتبرما لا تقلدا وتمذهبا وما هم بمنكريه ولا جاحديه، فاعلم أن الله سيبتليك بهم وأنهم سيزينون لك إنكار ما يزعمون أنهم ينكرونه وسيخيلون إليك أنك لن تستطيع أن تبلغ ما تريد من هذه المدنية الحاضرة وأن تنال الخطوة الباسقة في نفوس أصحابها إلا إذا تنكرت لدينك وتسلبت منه وخفرت ذمته، فاحرص