للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليس من الرأي ولا من المعقول أن ينظم الشعراء الشعر ويكتب الكتاب الرسائل في هذا العصر عصر الحضارة والمدنية وبين هذا الجمهور الذي لا يعرف أكثر من العامية إلا قليلًا باللغة التي كان ينظم بها امرؤ القيس وطرفة والقطامي والخطفى ورؤبة والعجاج ويكتب بها الحجاج وزياد وعبد الملك بن مروان والجاحظ والمعري في عصور العربية الأولي، فليس عصرنا كعصرهم ولا جمهورنا كجمهورهم، وأحسب لو أنهم بعتوا اليوم من أجداثهم لما كان لهم بد من أن ينزلوا إلى عالمنا الذي نعيش فيه ليخاطبونا بما نفهم أو يعودوا إلى مراقدهم من حيث جاءوا.

ليست الأساليب اللغوية دينًا يجب أن نتمسك به ونحرص عليه حرص النفس على الحياة، إنما هي أداة للفهم وطريق إليه لا تزيد على ذلك ولا تنقص شيئًا.

يجب أن نحافظ على اللغة باتباع قوانينها والتمسك بأوضاعها ومميزاتها الخاصة بما ثم نكون أحررًا بعد ذلك في التصور والتخيل واختيار الأسلوب الذي نريد.

يجب أن يشف اللفظ عن المعنى شفوف الكأس الصافية عن الشراب حتى لا يرى الرائي بين يديه سوى عقل الكاتب ونفس الشاعر وحتى لا يكون للمادة اللفظية شأن عنده أكثر

<<  <  ج: ص:  >  >>