للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مما يكون للمرآة من الشأن في تمثيل الصور والمخائل.

يجب أن يتمثل المعنى في ذهن المُتكلم قبل أن يتمثل اللفظ حتى إذا حسن الأول أفاض على الثاني جماله ورونقه، فاللفظ لا يجمل حتى يجعل المعنى، بل لا مفهوم للفظ الجميل إلا المعنى الجميل.

لو لم يكن للفصاحة قانون يرجع إليه من يريد معرفتها ومقياس تقاس عليه لوجب أن يكون قانونها العقلي أن يترك القائل في نفس السامع الأثر الذي يريده، فإن عجز عن ذلك فلا أقل من أن يصور له المعنى القائم في نفسه، فإن لم يكن هذا ولا ذاك فاحتراف أي حرفة من الحرف مهما صغر قدرها واتّضح شأنها أعود بالنفع على الأمة وأجدى عليها من حرفة القلم.

لا يبك شاعر بعد اليوم ولا كاتب سقوط حظه في الأمة ولا يقض حياته ناعيًا عليها جهلها وقصورها كلما رآها منقبضة عنه غير حافلة به ولا متطلعة لا يقنعها من قلم الشاعر أن يرن على صفحة القرطاس دون أن يطربها ويملك عواطفها، ولا من قلم الكاتب أن يسود وجه الصحف دون أن ينير لها أذهانها ويغذي عقولها ومداركها، فإن كان لا بد باكيًا فليبك على نفسه ولينع عجزه وقصوره، وليعلم أنه لو استطاع أن يكتب للأمة ما تفهم

<<  <  ج: ص:  >  >>