إنني لا ألوم على الركاكة والفهامة الأغبياء الذين أظلمت أذهانهم فأظلمت أقلامهم وظلمة القلم أثر من آثار ظلمة العقل، ولا الجاهلين الذين لم يدرسوا قوانين اللغة ولم يمارسوا أدبها ولم يتشبعوا بروح منظومها ومنثورها، ولا العاجزين الذين غلبتهم إحدى اللغات الأجنبية على أمرهم قبل الإلمام بشيء من أدب لغتهم فأصبحوا إذا ترجموا ترجموا ترجمة حرفية ليس فيها مميز واحد من مميزات العربية ولا خاصة من خواصها وإذا كتبوا كتبوا بأسلوب عربيِّ الحروف أعجميِّ كلِّ شيء بعد ذلك، فهؤلاء جميعًا لا حول لنا فيهم ولا حيلة؛ لأنهم لا يستطيعون أن يكونوا غير ذلك، إنما ألوم المُتأدبين القادرين الذين عرفوا اللغة واطلعوا على أدبها وفهموا سر فصاحتها وأنقم منهم عدولهم عن المحجة البيضاء في البيان إلى الجمجمة والغمغمة فيه وأنعى عليهم نقص القادرين على التمام.