للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحاجة، وفرقٌ بين الغني الذي يعمل لتنمية ثروته وتعظيم شأنها شرهًا وفضولًا، وبين الفقير الذي يعمل لتحصيل قوته، وتقويم أود حياته.

أحب أن يعيش فردًا من أفراد هذا المُجتمع الهائل المُعترِك في ميدان الحياة، يصارع العيش ويغالبه، ويزاحم العاملين بمنكبيه، ويفكر ويتروى، ويجرب ويُختبر، ويقارن الأمور بأشباهها ونظائرها، ويستنتج نتائج الأشياء من مقدماتها، ويعثر مرة، وينهض أخرى، ويخطئ حينًا ويصيب أحيانًا، فمن لا يخطئ لا يصيب، ومن لا يعثر لا ينهض، حتى تستقيم لهُ شئون حياته.

ذلك خير لهُ من أن يجلس في شرفة من شُرَفِ قصره مطلًّا على العاملين والمُجاهدين يمتع نظره بمرآهم كأنما يشاهد رواية تمثيلية في أحد ملاعب التمثيل.

أحب أن يمر بجميع الطبقات ويخالط جميع الناس ويذوق مرارة العيش ويشاهد بعينيه بؤس البؤساء، وشقاء الأشقياء، ويسمع بأذنه أنات المتألمين، وزفرات المتوجعين، ليشكر الله على نعمته إن كان خيرًا منهم، ويشاركهم في همومهم وآلامهم إن كان حظهُ في الحياة مثل حظهم، ولتنمو في نفسه عاطفة الرفق والرحمة، فيعطف على الفقير عطف الأخ على الأخ، ويرحم المسكين رحمة الحميم للحميم.

<<  <  ج: ص:  >  >>