للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الغني الذي لم يذق طعم الفقر في حياته فقلما يشعر بآلام الناس ومصائبهم، أو يعطف على بأسائهم وضرائهم، فإن حاول يومًا أن يمد يده بالمعونة إلى بائس أو منكوب، فعل ذلك متفضلًا ممتنًّا، لا راحمًا ولا متألمًا.

والأمل هو الينبوع الذي تتفجر منه جميع عواطف الخير والإحسان في الأرض، وهو الصلة الكبرى بين أفراد المجتمع الإنساني، والجامعة الوحيدة التي تجمع بين طبقاته وأجناسه، بل هو معنى الإنسانية وروحها وجوهرها، فمن حُرمهُ حُرم كلَّ فضيلة من فضائل النفس، وكلَّ مكرمة من مكرماتها، وأصبح بالصخرة الصلدة الصماء أشبه منه بالإنسان الناطق.

أحب أن يجوع ليجد لذة الشبع، ويظمأ ليستعذب طعم الري، ويتعب ليشعر ببرد الراحة، ويسهر لينام ملء جفونه، أي أنني أحب لهُ السعادة الحقيقية التي لا سعادة في الدنيا سواها.

وما السعادة في الدنيا إلاَّ لمحات كلمحات البرق حينًا بعد حين في ظلمات الشقاء، فمن لا يرى تلك الظُلمات لا يراها، وأشقى الأشقياء أولئك المترفون الناعمون الذين يوافيهم الدهر بجميع لذائذهم ومشتهياتهم، فلا يزالون يُمعنون فيها ويتقلبون في جنباتها حتى يستنفدوها، فيستولى على عقولهم مرض السآمة

<<  <  ج: ص:  >  >>