للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معروفها إلا في مواقف المُفاخرة والمُكاثرة والتي لا تفهم معنى الإحسان إلا أنه الغل الثقيل الذي يوضع في رقاب الفقراء لاستبعادهم واسترقاقهم لا يمكن أن ينشأ فيها محسن مخلص يحمل بين جنبيه قلبًا رحيمًا.

لقد كان الإحسان في مصر كثيرًا في عصر الاكتتابات والحفلات وفي العهد الذي كانت تسجل فيه حسنات المُحسنين على صفحات الصحف تسجيلًا يشهده ثلاثة عشر مليونًا من الشهود، أما اليوم وقد أصبح كل امرئ موكولًا إلى نفسه ومسئولًا أمام ربه وضميره أن يتفقد جيرته وأصدقاءه وذوي رحمه ويتلمس مواضع خلاتهم وحاجاتهم ليسدها، فهاهم الفقراء يموتون جوعًا بين تلال الرمال وفوق شعاف الجبال من حيث لا راحم ولا مُعين.

لقد كان في استطاعة تلك المرأة المسكينة أن تسرق رغيفًا تتبلغ به أو درهمًا تبتاع به رغيفًا فلم تفعل، وكان في استطاعتها أن تعرض عرضها في تلك السوق التي يعرض فيها أعراضّهن الفتيات الساقطات فلم تفعل؛ لأنها امرأة شريفة تفضل أن تموت بحسرتها على أن تعيش بعارها، فما أعظم جريمة الأمة التي لا يموت فيها جوعًا غير شرفائها وأعفائها.

<<  <  ج: ص:  >  >>