الحق أقول, إن الحياء يكاد يعقد لساني بين أيديكم, فلا أدري كيف أحدثكم، ولا ماذا أقول لكم؟
أأعظكم في أمر أنتم تعلمون من نتائجه وآثاره وسوء عقباه مثل ما أعلم، أو أدعوكم إلى اجتناب سيئة لا أحسب أن بين كباركم وصغاركم من يجهل أنها السيئة العظمى التي لم ترزأ الأمة بمثلها في حاضر تاريخها أو ماضيه، أو أقول لكم: إن هذه الأماكن التي تطؤها أقدامكم إنما هي مقابر المجد والشرف, ومدافن الفضائل والأخلاق، ومصارع الأعراض والحرمات، وهل غاب علم ذلك عن أحد منكم فأعلمكم منه ما لا تعلمون؟
لا يجهل أحد منكم شيئا مما أقول، ولكنه الشباب ما زال يغري الضعيف الذي لا يقوى على احتمال سلطانه وسيطرته بالإقدام على تلك المخاطر المهلكة فيمضي إليها قدما لا يجهل مكان الخطر منها, ولكنه يعجز عن مغالبة نفسه ومثاورتها حتى يتردى فيها وربما كان هذا هو كل الفرق بيني وبينكم.
إنني لا أرى في هذه المجامع التي تفتتنون بها, وتتهافتون عليها حسنة تغتفر سيئة أو جمالا يفي بقبح أو خيرا يعزي عن شر، فتمثيلها سخيف بارد لا يستطيع من أوتي حظا قليلا من الذوق الأدبي أن يصبر نفسه ساعة واحدة على النظر إليه، وملحها