للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثقيلة مستبشعة لو نطق بها ناطق في مجتمع من المجتمعات الخاصة ثم قلب نظره في وجوه الجالسين من حوله لرأى في ابتسامات السخرية المترقرقة في شفاههم ما يذيبه حياء وخجلا، وأناشيدها سوقية مبتذلة في موضوعها وصورة أدائها لا يطرب لمثلها إلا أصحاب الأذواق العامية الخشنة الذين يطربون لنشيد الأذكار وطبول الزار وتعداد النائحات في المآتم والمناحات، فماذا بقي فيها من وجوه الحسن بعد ذلك؟

بقي فيها الهزء والسخرية بالطبقات الشريفة العاملة في الأمة كالفلاحين آبائنا وأولياء نعمتنا والشيوخ حفظة ديننا وأئمة لغتنا والمحامين والأطباء والمعلمين أفاضل الأمة وعيونها وغيرهم من طبقات الأمة كالصناع والعمال والأكارين والباعة والمسترزقين.

بل بقي ما هو شر من هذا جميعه، وهو تمثيل الشهوات البدنية والنفسية بجميع ألوانها وضروبها على مشهد من رجالنا ونسائنا وأطفالنا, وتصويرها بتلك الصورة القبيحة التي ترخى على مثلها الستور وتقام من حولها الدعائم والجدران.

فلو أن غريبا وفد إلى هذا البلد وهو لا يعلم من شأنه شيئا, فذهب إلى مكان من تلك الأمكنة ليرى في مرآته صورة الأمة ممثلة في مسارحها الوطنية لقضى عليها للنظرة الأولى بأنها أحط الأمم وأدناها.

<<  <  ج: ص:  >  >>