للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو يذموك، فإن كتبوا في شأن من الشئون غير هذا فتروا واستبردوا، فوا ضيعة الأقلام وما أضيق مذاهب الكتاب بعد رحيلك، وكنت العصمة التي تعتصم بها الأمة في مواقف بؤسها وشقائها، ومواطن خطوبها وكروبها، وما أحسب إلا أن الدهر يدخر لها من ذلك في مستقبل أيامها أكثر مما ادخر لها في ماضيها، فما أكثر شقاءها وبلاءها بعد اليوم.

أيها الراحل الكريم, لقد كنت أرجو أن أجد بين جنبي بقية من الصبر أغالب بها هذا الحزن الذي أعالجه فيك حتى يبلى على مدى الأيام كما يبلى الكفن, لولا قدر أبعدني عن موطنك في آخر أيام حياتك فأحرمني جلسة أجلسها بجانب سريرك أسمع فيها آخر كلمة من كلماتك, وأرى آخر نظرة من نظراتك, وحال بيني وبين خطوة أخطوها تحت نعشك أجزيك فيها ببعض ما مشيت لي من الخطوات في حياتك، ووقفة أقفها عند قبرك ساعة دفنك أذرف فيها على تربتك أول دمعة يذرفها الباكون عليك، فلئن بكيت موتك يوما فسأبكي حرماني وداعك أياما طوالا حتى يجمع الله بيني وبينك.

<<  <  ج: ص:  >  >>