للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وشأن صاحبه سلطانا عليه في رأي أو فكر أو مشايعة لمذهب أو مناصبة لطريقة, بل يرى لشدة ثقته بنفسه وعلمه بضعف ثقة الناس بنفوسهم أن حقا على الناس جميعا أن يستقيدوا له وينزلوا على حكمه ويترسموا مواقع أقدامه في مذاهبه ومراميه, فترى جميع أعماله وآثاره غريبة نادرة بين آثار الناس وأعمالهم، تبهر العيون وتدهش الأنظار وتملأ القلوب هيبة وروعة، فإن كان شاعرا كان مبتكرا في معانيه أو طريقته، أو كاتبا أخذ على النفوس مشاعرها وأهواءها، أو فقيها هدم من المذاهب قديما وبنى جديدا، أو ملكا شغل من صفحات التاريخ ما لم يشغله ملك سواه، أو وزيرا ساس أمته بسياسة جديدة لا عهد لهم بمثلها، أو قائدا ضرب الضربة البكر التي تردد الآفاق صداها.

تلك هي العظمة، وهذا هو الرجل، ومن كان هذا شأنه كان فتنة الناس في خلواتهم ومجتمعاتهم ومعترك أنظارهم وأفهامهم ومثار الخلف والشقاق فيما بينهم في استكناه أمره وتقدير منزلته؛ فيعجب به الذين فطروا على الإعجاب بكل غريب, والافتتان بكل جديد حتى ينتقل بهم الإعجاب به إلى الافتتان بأقواله وأفعاله وحركاته وسكناته, والإغراق في حبه والمشايعة له والسير بعجائبه وغرائبه في كل صقع ونادٍ، فيقع ذلك من نفوس مناظريه وحاسديه والمتمردين

<<  <  ج: ص:  >  >>