على عبقريته ونبوغه موقعا غير جميل, فلا يجدون لهم بدا من مقابلة الإغراق في حبه بالإغراق في بغضه على قاعدة المشادة والمعاندة، وهنالك تحتدم المعركة الهائلة بين أنصاره وخصومه فيهاجمه هؤلاء يحاولون استلاب عظمته منه, ويناضل عنه أولئك يريدون استبقاءها في يده وهو واقف بينهم يدير أنظاره فيهم, هانئا مغتبطا لا يحزن ولا يبتئس؛ لأنه يعلم أن جميع هذه الأصوات الصارخة المختلطة حوله إنما هي أبواق شهرته وعظمته.
لا أريد أن أقول: إن الرجل العظيم مصيب في كل ما يرى وما يفعل وما ينتهج لنفسه وللناس من سبل الحياة, فربما كان من هو أضعف منه قوة وأخمل ذكرا أسد منه رأيا وأصدق نظرا، وإنما أريد أن أقول: إن أحدا من الناس لا يستطيع أن يشغل أقلام الكتاب وعقول المفكرين وألسنة الناطقين وقلوب المحبين والمبغضين إلا الرجل العظيم.
أحب عليا قوم حتى كفروا بحبه وأبغضه آخرون حتى كفروا ببغضه، وسمى بعض الناس أبا بكر وعمر شيخي المسلمين وأنكر بعضهم صحبتهما وإخلاصهما، وعاش محيي الدين بن العربي بين فئة تراه قطب الأولياء وأخرى تراه شيخ الملحدين، واغتبط فريق من المسلمين بابن رشد فسموه فيلسوف الإسلام ونقم