للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوما عظماء, فانقسم الناس في شأنهم وذهبوا في أمرهم هذه المذاهب البعيدة المترامية، ولا ينقسم الناس هذا الانقسام العظيم إلا في شأن الرجل العظيم.

ليس معنى الوجود في الحياة أن يتخذ المرء لنفسه فيها نفقا يتصل أوله بباب مهده, وآخر بباب لحده ثم ينزلق فيه انزلاقا من حيث لا تراه عين ولا تسمع دبيبه أذن حتى يبلغ نهايته كما تفعل الهوام والحشرات والزاحفات على بطونها من بنات الأرض، وإنما الوجود قرع الأسماع واجتذاب الأنظار وتحريك أوتار القلوب واستثارة الألسنة الصامتة وتحريك الأقلام الراكدة وتأريث نار الحب في نفوس الأخيار وجمرة البغض في قلوب الأشرار، فعظماء الرجال أطول الناس أعمارا وإن قصرت حياتهم، وأعظمهم حظا في الوجود وإن قلت على ظهر الأرض أيامهم.

العظمة كالحقيقة يخدمها أعداؤها وأصدقاؤها، ويحمل أحجار هيكلها على رءوسهم هادموها وبُناتها، فحيث ترى سواد الأعداء فهناك سواد الأصدقاء، وحيث ترى الفريقين مجتمعين في صعيد واحد فاعلم أن العظمة ماثلة على عرشها العظيم فوق أعناقهم جميعا.

العظمة قصر مشيد مرفوع على سارتين منحوتتين من حب

<<  <  ج: ص:  >  >>