ليقولوا للثاكل ولده:"لقد قدمت بين يديك شفيعا يشفع لك يوم حسابك بين يدي ربك" وللباكي أباه: "ما مات من خلف مثلك" وللباكي أخاه: "إن في الباقي عزاء عن الماضي" وللباكية زوجها: "الشباب غض والرجال كثير" وللفاقد بصره: "حسبك مما فقدت من نور بصرك ما أبقى الله لك من نور بصيرتك" وللمحتضر المشرف: "إن في لقاء الله عوضا عن لقاء الدنيا" ولمن حلت به نكبة مثل نكبتك: "لقد كفاك الله بما ابتلاك سماع أقوال الكذب, وكلمات السوء" كأنما هم يحسبون أن الفواجع والرزايا صفقات تجارية إذا قاس فيها المرء ربحه بخسرانه ووازن بين دخله وخرجه هان عليه هذا لذاك، واغتفر ما فات لما هو آتٍ، ولا يعلمون أن الحزن على الذاهب المفقود إنما هو زفرة من زفرات الحب أو نفثة من نفثات الوفاء, ولا دخل للحساب والمعاوضة في شيء من ذلك، وأن أقسى الآباء قلبا وأصلبهم فؤادا لو ساومه مساوم في فلذة كبده, ووضع تحت قدميه خزائن الأرض والسماء لكان رأيه في ذلك رأي ابن الرومي في قوله:
وما سرني أن بعته بثوابه ... ولو أنه التخليد في جنة الخلد
وأن الأم تبكي وحيدها كما تبكي عاشر عشرة من أولادها، والصديق يبكي فراق صديقه وإن كثر أصدقاؤه في كل محلة يحل