الوجيه: لا أزال أكرر القول, أن رجال الحكومة يضربون علينا ضرائب ليست في شرع ولا قانون، والوجيه في الحقيقة كالعبد في اصطلاح علماء التوحيد مجبور باطنا مختار ظاهرا، أما الظاهر فهو ما ترونه من إقامة المحافل وخطابة الخطباء والتلطف في الطلب وشكر المحسن على إحسانه، وأما الباطن فهو أن الوجيه منا كما علمت مفلس من جميع أنواع المجد إلا مجد الزلفى عند الحكام، والحكام يعرفون ذلك منه فيدخلون عليه من بابه ولا يفتحون له باب القربى منهم إلا على مقدار ما يفتح من أبواب خزائنه بين أيديهم، فمنا من يزوره المدير أو المفتش لأنه وهاب الآلاف، أو المأمور لأنه من أصحاب المئات، ومن لا يزوره أحد منهم ولا ينهض له إذا أقبل ولا يشيعه إذا انصرف لأنه لا يلبي دعوة ولا يحضر مجمعا ولا يكتب رقما في قائمة اكتتاب، فلا يلبث أن يسلس قياده، ويصحب عناده، هذا هو الاستبداد الخفي الذي ترغم الحكومة به أنف الوجهاء من غير أن تشهر عليهم سلاحا أو تعد لهم سجنا، ولكنها تبلغ به في شهر ما كانت تعجز عنه حكومة السجن والكرباج و"الويركو" و"البطانطا"