الصدقات، وأقفرت "مضايفنا" إلا من عربدة المطربشين ورطانة المبرنطين، فمن أين لثواب الله أن يعرف طريقنا عافاك الله؟
الكاتب: أتغضبك كلمة الحق إن قلتها لك أيها الصديق؟
الوجيه: قل ما تشاء, فقد ملأ الهم ما بين جوانحي فاستحجر قلبي حتى ما يغضبني حق ولا باطل.
الكاتب: أعجب ما رأيت من أمرك في حديثك معي أنك تعرف الحق وتتنكر له كأنك لا تعرفه، وتمد يدك إلى الصواب ثم تعجز عنه، فقد زعمت أن مجد القربى من أولياء الأمر مجد باطل، ولقد أصبت فيما تقول, فما شأنك به وما نهوضك إليه ومالك واللصوق بأمر أنت تعلم قلة جدواه وسوء مغبته، ولقد كان لك طريق مختصر إلى المجد الصحيح لو كنت أكبر منك همة, وأصح رأيا, وأقوى عزيمة، فمجد الكرم ليس بأقل شأنا من مجد السيف والقلم، ولا أرى أنك كنت تنفق في سبيله إلا بعض ما أنفقت في هذا المجد الكاذب، وما كان يصيبك في الأول من الشقاء ما أصابك في الثاني، فالكريم معان على أمره, مبارك له في عيشه متى صح له معنى الكرم وكانت الرحمة غريزة من غرائزه تسوقه إلى تفقد الضعفاء، ومواساة الفقراء، من حيث لا يبتغي على ذلك أجرا سوى ما وعد الله به المحسنين من