فإنه لا يستطيع أن ينال الثقة من نفوسهم إلا إذا كان من الصادقين المخلصين.
كنت أرى عذوبة نفسه في عذوبة لفظه، وطهارة قلبه في طهارة لسانه، وصفاء ذهنه في وضوح أغراضه ومراميه، وجمال ذوقه في جمال ملاحظاته واستنتاجاته، وكان خير ما يعجبني منه ترفعه عن مجاراة المتكبرين من الكتاب في كبريائهم, ونزوله في كثير من مواقفه إلى منازل العامة ليحدثهم بما يفهمون؛ لأنه كان من كتاب المعاني لا من كتاب الألفاظ، ولأنه كان يؤثر أن يتعلم عنه الجاهلون، على أن يرضى عنه المتحذلقون.
وإن كان الرجل هو الأسلوب كما يقولون, فلا أعلم أحدا في هذا البلد كان أولى بوصف الكاتب من المرحوم جرجي زيدان, فوا رحمتاه له ووا أسفا عليه.