للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمنيناها برهة من الزمان حتى وجدناها فلم ننعم بها إلا قليلا, ثم فقدناها أحوج ما كنا إليها, فذلك ما يبكينا عليه ويحزننا على فراقه.

الكاتب كالمصور كلاهما ناقل وكلاهما حاكٍ، إلا أن الأول ينقل مشاعر النفس إلى النفس، والثاني ينقل مشاهد الحس إلى الحس.

وكما أن ميزان الفضل في التصوير أن تكون الصورة والأصل كالشيء الواحد، كذلك ميزان الفضل في الكتابة أن يكون المكتوب في الطرس، خيال المكنون في النفس.

بهذه العين التي لا أزال أنظر بها دائما إلى الكتابة والكتاب, وأوازن بها بين أقدارهم ومنازلهم كنت أقرأ ذلك الأسلوب العذب البديع الذي كان يكتب به المرحوم جرجي زيدان كتبه ورواياته, فأتخيله مرآة نقية صافية قد ارتسمت فيها صورة نفس الكاتب جلية واضحة, لا غموض فيها ولا إبهام.

وقليلا ما كنت أجد في نفسي هذا الشعور عند النظر في كتابة كاتب سواه؛ لأن الكاتب إن استطاع أن ينال ثناء الناس وإعجابهم ببلاغة لفظه أو براعة معناه أو سعة خيالة أو قوة حجته

<<  <  ج: ص:  >  >>