للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نفوسنا فإننا لا نمنحها أكثر من عواطف الحب والود، ونضن عليها كل الضن بعاطفة الاحترام والإجلال، وهي إلى نهلة واحدة من موارد الإجلال والإعظام أحوج منها إلى شؤبوب متدفق من سماء الحب والغرام.

قد نحنو عليها ونرحمها، ولكنها رحمة السيد بالعبد لا رحمة الصديق بالصديق، وقد نصفها بالعفة والطهارة، ومعنى ذلك عندنا أنها عفة الخدر والخباء لا عفة النفس والضمير، وقد نهتم بتعليمها وتخريجها لا باعتبار أنها إنسان كامل لها الحق في الوصول إلى ذروة الإنسانية التي تريدها, وفي التمتع بجميع صفاتها وخصائصها، بل لنعهد إليها بوظيفة المربية أو الخادم أو الممرضة, أو لنتخذ منها ملهاة لأنفسنا ونديما لسمرنا ومؤنسا لوحشتنا، أي: إننا ننظر إليها بالعين التي ننظر بها إلى حيواناتنا المنزلية المستأنسة، لا نسدي إليها من النعم, ولا نخلع عليها من الحلل إلا ما ينعكس منظره على مرآة نفوسنا, فيملؤها غبطة وسرورا.

إنها لا تريد شيئا من ذلك، إنها لا تريد أن تكون سريّة الرجل ولا حظيّته ولا أداة لهوه ولعبه, بل صديقته وشريكة حياته.

إنها تفهم معنى الحرية كما يفهمها الرجل, فيجب أن يكون حظها منها مثل حظه.

<<  <  ج: ص:  >  >>