للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢- دخلت "إيلين" سجن النساء لتقضي فيه المدة المقررة لها, ووضعت في غرفة مع امرأة عجوز ساقطة قضت جزءا عظيما من حياتها في هذا المكان المظلم القاتم حتى ألفته, وجمدت نفسها عليه فلم تعد تحفل بشيء في هذا العالم ولا تفكر إلا في الساعة التي يقدم فيها إليها الطعام فتلتهمه التهاما بشره ولهفة وهي تضحك وتتغنى كأنما هي أبعد الناس عن الهموم والأحزان، فذعرت "إيلين" حين رأتها ذعرا شديدا وانسلت إلى زاوية من زوايا الغرفة فقبعت فيها واستسلمت لهمومها وأحزانها، ولم تدع قطرة من الدمع في عينيها إلا ذرفتها وأبت أن تتناول الطعام الذي قدمه إليها السجان فوضعه بين يديها وتركها وشأنها، فبكت ما شاء الله أن تفعل حتى هدأ بعض ما بها, فعمدت إلى كتاب صغير من كتب الأخلاق كانت لا تزال تحمله في جيبها ما تفارقه فأخرجته وأخذت تتلهى بتقليب صفحاته, فكان أول ما وقع نظرها عليه من كلماته هذه الكلمة: "العفو أشد أنواع الانتقام" فانتفضت عند قراءتها انتفاضا شديدا وعلق نظرها بها ما ينتقل عنها، وأخذت تراجع الحوادث التي مرت بها وتستعرضها واحدة بعد أخرى وتفكر في المظالم التي نالتها ونالت أباها, وما اقترفا ذنبا ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>