للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جنيا على أحد حتى أوردتْهما هذا المورد من الشقاء، فشعرت بدبيب الشر في نفسها للمرة الأولى في حياتها وظلت تقول في نفسها: إن الذين مرت على ألسنتهم أمثال هذه الكلمات إنما كانوا يعيشون في عصر غير هذا العصر وبين أناس غير هؤلاء الناس، ولو أنهم عاشوا بيننا لكان لهم في العالم وأهليه رأي غير هذا الرأي, ولما اجترءوا على المجازفة بتدوين هذه الأفكار في كتبهم؛ لأن العفو لا يكون انتقاما إلا من أصحاب الضمائر الطيبة الطاهرة التي يقلقها الذنب, ويخجلها العفو والتي تصدر عنها سيئاتها زلات وهفوات، أما الضمائر القاسية المتحجرة التي لا تعبأ بشيء ولا تخجل من شيء فلا يزيدها العفو والصفح إلا تمردا وطغيانا.

وإنها لذاهبة هذه المذاهب المختلفة من خواطرها وأفكارها إذ دنت منها جارتها العجوز تختلس الخطا إليها اختلاسا حتى وقفت وراءها ونظرت في الصفحة التي تنظر فيها, فوقع نظرها على تلك الكلمة التي كانت تنعم النظر فيها, فقهقهت ضاحكة بصوت عالٍ غريب, فارتعدت "إيلين" والتفتت وراءها صارخة: ماذا تريدين يا سيدتي؟ قالت: لا تخافي يا بنيتي ولا تراعي, فما أنا بمجنونة كما ظننت وكما يظن سكان هذه الدار, ولكنني رأيتك مستغرقة في هذا الكتاب لا ترفعين نظرك عنه فجئت لأقول لك: دعي الكتب

<<  <  ج: ص:  >  >>