للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقدم إليك هانئة مغتبطة, لا تلوي على شيء مما وراءك، فسيأتي قريبا أو بعيدا ذلك اليوم الذي يفتح لك فيه هذا الباب الموصد دونك, فتخرجين إلى الانتقام من الرجل الذي أساء إليك وساقك إلى هذا المكان, وتنالين منه فوق ما نال منك كما سأفعل أنا يوم خروجي بالرجل الذي ساءني وأفسد علي حياتي، فليس العفو أشد أنواع الانتقام كما يقولون بل الانتقام أعظم ملذات الحياة.

فهدأت نفس "إيلين" قليلا واستطاعت أن تتناول شيئا من الطعام الذي قدم إليها، إلا أنها كانت إذا جاء الليل رأت أباها في منامها يقاسي أنواع العذاب وصنوف الآلام في سجنه, فتصبح باكية نادبة لا يهون عليها آلامها بعض التهوين إلا ثرثرة تلك العجوز وهذيانها, حتى نامت ذات ليلة فرأته ميتا على سرير من أسرة مستشفى السجن تحيط بجثته شمعتان مشتعلتان, فاستيقظت فزعة مذعورة تبكي وتنتحب، وما هي إلا هنيهة حتى دخل عليها السجان يدعوها لمقابلة مدير السجن, فذهبت إليه فأبلغها أن أباها توفي الليلة في المستشفى؛ فصعقت صعقة كادت تذهب بنفسها، ثم استفاقت فإذا هي في غرفة سجنها وإذا هي أشد عباد الله بؤسا وأعظمهم شقاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>