للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غيرها عنه, حتى أصبحت مضرب المثل في صلاحها وتقواها ورحمتها وإحسانها.

وكانت المحكمة قد حكمت على المسيو "لورين" بالسجن عامين, فلقي في سجنه من المتاعب والآلام ما لا طاقة لمثله باحتماله, فسقط مريضا لا يحفل به أحد ولا يواسيه مواسٍ حتى اشتد به المرض وأشرف على الهلاك, فنقلوه إلى المستشفى التي كانت تمرض فيها "إيلين" فعرفته حين رأته رغم تغير صورته واستحالة حالته, فلم تستطع أن تملك عينيها من البكاء ثم حنت عليه وأخذت نفسها بتمريضه والعناية به, وهو ذاهل مستغرق لا يشعر بشيء مما حوله حتى استفاق في بعض الأيام, فرآها واقفة بجانب سريره تمد إليه يدها بالدواء, فظل يحدق النظر في وجهها طويلا حتى عرفها فتناهض من مكانه, وأكب على يدها يقبلها ويسألها العفو عن ذنبه إليها, فازداد نشيجها وبكاؤها وقالت له: إنني أنا التي أسأت إليك وأنا التي أطلب منك العفو والصفح، وكأن حياتها الجديدة التي انتقلت إليها حياة الصلاح والبر قد أنستها حياتها الأولى وأكاذيبها وأباطيلها, فلم يبق في قلبها أثر للبغض ولا للحقد، وأصبحت سريرتها سريرة بيضاء نقية لا تجول فيها غير خواطر الخير والإحسان, ولا تنطوي على غير حب الإنسانية وحب الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>